لماذا يخاف مجمع البحوث الإسلامية من عرض مسلسل «الحسن والحسين»؟ عليه أن يعلن لنا أسبابه الحقيقية بطريقة واضحة وصريحة يبرر فيها ويشرح أسباب رفضه عرض المسلسل بهذا التصميم والتحفز والحماس وأيضاً التربص لدرجة الملاحقة القضائية للقنوات الفضائية التى ستعرض المسلسل!، فمسألة تجسيد الصحابة وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة درامياً باتت مسألة محسومة وحجة ضعيفة لا تستطيع الوقوف على قدمين فى مواجهة التفنيدات المنطقية التى اخترقت هذه الدرع الفولاذية التى يحتمى بها كل من يهاجم الأعمال الدرامية التى تحكى تاريخ المسلمين عن طريق تجسيد الصحابة، لأنهم ببساطة أبطال الحدث، ودراما دون أبطال حقيقيين تتحول إلى ثرثرة لا فائدة منها، هذه الفزاعة التى تطلق فى وجه كل فنان يحاول التصدى لمثل هذه الأعمال التاريخية هى فزاعة كرتونية لا تصمد أمام نور المنطق ومناقشة العقل. أولاً: لا يوجد نص صريح يقول ممنوع تجسيد الصحابة فى الدراما، مما يجعل المناقشة بعيدة عن احتكار رجال الدين، فهى خارج ملعب النصوص الدينية القطعية، لأنها ببساطة تتحدث عن شىء مستحدث لم يكن موجوداً فى ثقافة العرب، بل ولد فى أحضان اليونان، هذا الشىء اسمه الدراما، إذن لا مكان لمزايدة على دين أحد وتكفيره إذا تبنى الرأى الموافق على تجسيدهم درامياً فى مسلسل أو مسرحية أو فيلم، ثانياً: لماذا يسمح بتجسيد شخصية مثل عمار بن ياسر وبلال بن رباح وخالد بن الوليد فى السينما ولا يسمح بالحسن والحسين فى المسلسلات؟، هل المسموح بهم أقل تديناً وإسلاماً من غير المسموح بهم؟ ومن يستطيع أن يمسك بمعيار وميزان هذا التصنيف وهذه الأفضلية؟!!، ثالثاً: قضية الممثل الذى يجسد دور صحابى، ثم يخرج علينا بعد ذلك فى دور شرير مجرم، هذا كلام كان ينفع أيام كان المتفرجون يهرولون من صالة عرض السينما عند ظهور القطار!!، فمحمود المليجى فى فيلم الأرض أبكانا وتعاطفنا معه رغم أننا شاهدناه يذبح نصف ممثلى مصر فى أفلامه الأخرى!! الشيعة، ونحن نعرف عشقهم الشديد لأهل البيت وقداسة منزلتهم لديهم، كل احتفالاتهم يدخلها عنصر التجسيد الدرامى والفنى، بل إنهم يرفعون صور على بن أبى طالب كطقس روتينى أثناء هذه الاحتفالات، السؤال: هل هذا التجسيد أنقص من هذه القداسة وخفض من سطوع نور هذه الهالة الدينية ؟، هل نزع التمثيل والفن ثوب الاحترام والإجلال لهذه الشخصيات العظيمة؟، لا، لم يحدث إطلاقاً، بل على العكس زاد الاحترام، لأن الفهم زاد والمعرفة ارتفع رصيدها لسبب بسيط وهو انضمام طابور مشاهدى الفضائيات الطويل والضخم ممن لا يقرأون كتب التاريخ إلى طائفة راغبى المعرفة بالتاريخ وأسراره وكواليسه. على مجمع البحوث الإسلامية وشيوخه الأفاضل أن يعرفوا أن الفن هو أفضل وسيلة معاصرة الآن لتقديم المعرفة، وعليهم ألا يخافوا من استخدام هذه الوسيلة العصرية الفعالة والمؤثرة، وعليهم أن يتذكروا أن الجيش الأمريكى عندما أراد تعريفاً سريعاً لجنوده بالإسلام فى الفترة الأخيرة لم يلجأ لكتب الفقه والتاريخ، وإنما لجأ لفيلم الرسالة الذى رفضه بعض الشيوخ من قبل، والذى اغتيل مخرجه مصطفى العقاد بديناميت التطرف ورصاص الجهل وسوء الفهم من متطرفى القاعدة الذين توهموا أنهم أكثر إسلاماً من المخرج، هذا الذى ساهم فى تعريف الغرب بإسلام السماحة وليس بإسلام الدم الذى يُصَدّر هؤلاء الإرهابيون صورته للعالم. مم تخافون إذن؟ نرجو إجابة شافية من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية الرافضين عرض مسلسل الحسن والحسين دون مشاهدته أصلاً، وهل هى عودة لمحاكم التفتيش؟!